بقلم: يزيد أسامة أحمد الزيتون
يَتَّصِفُ الأردن بمناخٍ معتدل، وتنوع في تشكيله الجغرافي، وفي أشكال الحياة الموجود فيه، والذي يميزه بتنوع حيوي في الأنواع النباتية والحيوانية. إلا أن بعض هذه الانواع يتعرض الى مخاطر عديدة تهددها بالانقراض ما يؤدي الى خلل في التوازن البيئي.
كانَ جَدّي دائمًا يعيشُ في أرضه بين أشجاره وحيواناته ومزروعاته المتنوعة على مدار العام. وعندما كنت أرافقه في عالمه الجميل الذي كانت تربطه به علاقة حب كبيرة، كان يسير بأغنامه باكرًا من خيمته الى رؤوس الجبال ويعود كل يوم، وكان يريني الأعشاب الطبية وأنواعها، يتحدث لي عن أهميتها، ويجمع لنا أكثر من أربعين عشبه طبية، لتجنب الأمراض وتعزيز المناعة.
كانت أغنام جدي تنقل بذور هذه الأعشاب على طول مسيرتها اليومية، فتحافظ على أنواع الغطاء النباتي على طول المراعي وعرضها.
كان جدي إذا جمع نباتًا بريًا يقوم بقطعه دون أن يخلع جذره من الأرض لكي ينبت في العام القادم، وتعلمت منه هذا السلوك. ولما رأيت أصحابي يقتلعون النباتات من جذورها، حكيت لهم عما علمني إياه جدي، فالتزم بعضهم، وبعضهم الآخر ضحك مني، إلا أني أبلغت معلم العلوم عنهم، فشرح لهم طويلا عن أهمية التنوع الحيوي والمحافظة عليه.
واليوم، بعد أن توفي جدي، لم أعد أرى الأغنام، ولم أعد أرى تلك الأعشاب إلا قليلا.
لتحقيق التنمية المستدامة والتوازن البيئي وحماية التنوع الحيوي، لا بد أن نعود من جديد لعلاقتنا مع الارض والزراعة والاهتمام بالمحافظة على الحياة البرية، والحفاظ على استمرارية السلاسل الغذائية والتنوع الطبيعي للنباتات والحيوانات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق